ساعات الصباح الباكر في ميناء طرابلس البحري, شباك مرمية و صناديق أسماك فارغة مجابهة لقوارب الصيد الخشبية المهترئة, في هذه اللحظات لا مجال للشك بأنها ساعة مشاركة الصيادين لمحصول السمك الذي وقع ضحية الشباك و“الجولاطينة“ التي باتت وسيلة سريعة للوصول إلى محصول أكبر بتكلفة أقل قد تصل الي ١٠٠ كجم محصلة يومية. ”الجولاطينة“ هي متفجرات يدوية مصنوعة من مادة TNT...
ساعات الصباح الباكر في ميناء طرابلس البحري, شباك مرمية و صناديق أسماك فارغة مجابهة لقوارب الصيد الخشبية المهترئة, في هذه اللحظات لا مجال للشك بأنها ساعة مشاركة الصيادين لمحصول السمك الذي وقع ضحية الشباك و“الجولاطينة“ التي باتت وسيلة سريعة للوصول إلى محصول أكبر بتكلفة أقل قد تصل الي ١٠٠ كجم محصلة يومية.
”الجولاطينة“ هي متفجرات يدوية مصنوعة من مادة TNT \ الديناميت والتي لها تأثير قوي على موت أسراب الاسماك و البحريات الصغيرة, حيث يسهل الوصول إليها من قبل الصيادين والتنويع في صناعتها خاصة مع الوصول السلس لمخلفات الحرب بعد ٢٠١١ والتي صنعت من الصيادين غير النظاميين مساهمين بشكل مباشر في حدوث خلل جسيم في البيئة البحرية اليوم.
أثناء ملاحظة سلوك الصياد في الصيد غير النظامي الذي يخرق قواعد ونظم المحافظة على البيئة البحرية, نشاهد أن هذه السلوكيات تمتد لتهدد الأمن الغذائي المعني بالمواطنين والمستهلكين للأسماك بشكل منتظم.
من هنا, تبدأ رحلة الصياد ”عامر“ الذي يقر بمعرفته بخطر هذه المتفجرات على الحياة البحرية ويواصل قهقهة قائلاً بأن:هذه الطريقة تجلب لنا محصوًلا أكبر فنحن ليست لدينا القدرة للعودة مجددا ًللطريقة التقليدية القديمة التي تعتمد على التقاط اللحظة المناسبة و رمي الشباك, حيث يستطرد بعدها بأن هذه الطريقة التي وصفها بأنها "مخلية الليبين عايشين سواء صيادين أو مستهلكين".
حيث وضع لنا حداً للأسئلة التي وصفها من وجهة نظره أسئلة هجومية و توجه له اتهاماً وكأنه الوحيد الذي يمارس هذه المهنة وهو الوحيد الذي ابتدع هذا النوع من الصيد.
التقطنا انفسنا للحظات, واصلنا الحديث معه بهدوء في محاولة لفهم طرق التصنيع لهذه المتفجرات وماهية مصادرها و سبب الاستمرار في اعتمادها وحدها للصيد والحصول على أسماك كل يوم, والتي قال عنها بأنها بسيطة وليست مكلفة, والعديد من الصيادين يعتمدونها كنوع رخيص الثمن وكل القطع الخاصة بها متوفرة في معظم المعسكرات ومخازن الاسلحة والذخائر.
من جهة آخرى يؤكد هذا الكلام الريس ”يوسف“ الذي حاجج بأن الصيادين يشغلون عملاً دون ضمانات, ولا يتحصلون على مرتبات كغيرهم من موظفي الدولة وهم في وضع يصفه بــ الهالك أو المتردي وقال آسفاً: نحن كصيادين ندرك أن هذا الفعل غير مشروع وخاطئ ولكن نحن ايضاً ضحية فوضى البلاد والتي أثرت علينا بشكل او بآخر, فكل القطاعات متهالكة وعدم وجود آليات للرقابة والتقصي عن هكذا أفعال تجعلنا جميعا ً في محط المسألة وليس الصيادين فقط.
”الشباك والبنادق ومعدات الغطس هي معدات باهضة الثمن لا يمكن لكل الصيادين توفيرها“
يواصل الريس ”يوسف“ بأن الصيد هو مهنة مرهقة وتتطلب جهدا كبيراً , كما أن استخدام ” الجولاطينة“ يعرض حياتهم للخطر, فالاستخدام المنتظم لها يؤذي بحياة الصياد أيضاً وليس السمكة فقط, ومع ذلك يستمر الصيادون في استخدام هذا النوع غير الامن من الصيد والذي تسبب في كثير من الاحيان في أذية منطقة الظهر والاطراف وهلاكهم.
في ذات الموضوع, صببنا كل اهتمامنا عن اختفاء الجهات الضبطية والمسؤولة عن انتشار هذا النوع من الصيد غير النظامي والذي يقود المهنة الي طبيعة موصومة و نتيجة كارثية. وبالتالي توجهنا الي مكتب مراقبة شؤون البيئة التابع للوزارة والذي ترأسه الأستاذة هدى الحداد والتي أوضحت بالدور التوعوي للمكتب والذي يستهدف الصيادين والمجتمع المدني والجهات العاملة في هذا القطاع والتي من واجبهم ضم كل هؤلاء في نشاطات توعوية تحذر من خطورة الصيد غير
المشروع أو المؤذي بالبيئة, حيث رمت بإصبع الاتهام أن الجهات الرقابية التي من المفترض ان تواظب على ضبط هكذا اشخاص خارجين عن القانون ولكن تبقى الفوضى الامنية والسياسية الحد الذي يقف عنده الكثير من المسؤولين.
"٤٠ ٪ من الاسماك الموجودة على السواحل هي نتاج لأعشاب البوسيدونيا وأي ﺷﺊ يصيب هذه الاعشاب سيؤذي بحياة الاسماك ايضاً"
وفي السياق القانوني, فإن المادة ١٥ من القانون ١٤ لسنة ١٩٨٩ والتي ينص على حظر استخدام المفرقعات أو المواد السامة أو المخدرات أو المواد الضارة بالصحة العامة أو الضرر بنمو أو تكاثر الأحياء البحرية أو بأية وسيلة أخرى. كما يحظر الإضرار بالأعشاب والنباتات البحرية التي تلجأ إليها الأحياء البحرية لوضع البيض.
”مع عدم الإخلال بأي عقوبات أشد ينص عليها أي قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ولا تزيد على عشرة آلاف دينار كل من خالف أحكام المادة الخامسة عشرة من هذا القانون ويجوز للمحكمة في حالة الحكم بالإدانة أن تحكم بمصادرة وسيلة وأدوات الصيد ومعداته“
أيضاً وصف الباحث البيئي ماهر الشاعري بأن الصيادين يقومون بإبادة الحياة البحرية باستخدام هذه المفرقعات بل ويستنزفون كل ما هو قابل للعيش مستقبلاً, فحتى )البيض( والحيتان الكبرى مهددة, في ظل تفشي ظاهرة الصيد بالجولاطينة, أيضاً شارك تخوفاته من عدم وجود أي احصائيات او ارقام من قبل الدولة تضع الجميع أمام اهمية الموضوع.
” هناك إبادة حقيقية بحق الأسماك ويتم الكسب على حساب البيئة“
حث الشاعري بضرورة وضع معايير للصيد من قبل نقابة الصيادين والتي من واجبها تنظيم العمل وتوجيه الاشخاص الخارجين عن القانون الي الجهات المختصة.
ليبيا دولة تمتلك ساحل طويل جدا يصل قرابة 2000 كم وتحوي بيئة بحرية زاخرة بالعديد من الأسماك النادرة والثروات البحرية، فليس من المعقول أن يستمر هذا العبث بهذه الثروة الطبيعية بهذا الشكل“
شارك
Share on facebook
Share on google
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp