في ذات الوقت الذي تكون فيه الغوغائية هي المُضرمة بنيران الحرب الأهلية في ليبيا , يُخلق جانب آخر لا يتوقف, لينتج لنا في كل لحظة حراكاً موسيقياً, كتابياً وأدبياً جديداً .. هنا ليبيا . وُلد كتاب ليولد معه عنفوان أدبي صارخ بحق التعبير بعد غياب لعقود طويلة, حق يحطم قيود الصمت والإنصياع لأفكار وليدة اللحظة سُميت بــ “الأعراف المُجتمعية“.
فوضى حرة في سجن كبير
نشر بتاريخ: 2017/10/01
/
في ذات الوقت الذي تكون فيه الغوغائية هي المُضرمة بنيران الحرب الأهلية في ليبيا , يُخلق جانب آخر لا يتوقف, لينتج لنا في كل لحظة حراكاً موسيقياً, كتابياً وأدبياً جديداً .. هنا ليبيا . وُلد كتاب ليولد معه عنفوان أدبي صارخ بحق التعبير بعد غياب لعقود طويلة, حق يحطم قيود الصمت والإنصياع لأفكار وليدة اللحظة سُميت بــ “الأعراف المُجتمعية“.
أفكار شبابية لم تبقى رهن الأدمغة وقيد التفكير بل ترسخت في أشعارٍ, قصصٍ, راويةٍ ونثر .. حتى أحدثت هذه الفوضى ثورة فكرية جديدة في بلد يعج بالمشاكل السياسية والإقتصادية والإجتماعية.
قُدمت مؤخراً الأنثولوجية الأدبية الليبية تحت مسمى “شمس على نوافذ مغلقة“ في إطار عمل مشترك يربط مؤسسة آريتي للأدب والفنون ودار دارف للنشر في لندن وبالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني ودار الفرجاني للنشر في طرابلس ضمن حوصلة ثقافية لأفكار ٢٥ شاب وشابة, تختلف ألسنتهم وأشكالهم وأنماط لباسهم , بل وحتى طبائعهم في تقديم أنفسهم للجمهور .
الأنثولوجية سردت وقائع الحروب والثورات وقضايا مُجتمعية مستحدثة, بالإضافة الى نصوص تحاكي خيال القصة المُحافظة والقصة الجريئة, وآخرى تدافع عن قضايا الأقليات وتطرح الفقر وإضطرابات العلاقات البشرية.
حيث تناولت المجموعة حقائق وفروض ونِتاجــات عامية و عربية, كما نسجت خيوط متينة غير متفرقة لتقديم مزيج فني مُعالج.
أبجديات مفقودة
ضمن أسواق الأدب والفن في العالم أجمع لا يوجد جمهور ثابت أو قواعد جامدة, فقد قام فريق عمل الكتاب برحلة إلى بنغازي جواً لحضور حفل التوقيع الثاني بعد الحفل التقديمي الأول في طرابلس , والذي لاقى نجاحاً مشجعاً, ولكن ما لم يكن متوقع أن مسيرة الكتاب إنهارت سريعاً في مدينة الزاوية “ 45 كم غربي طرابلس“ .. حيث وُجه الكتاب ومؤلفيه ومحرريه الى هجمة إلكترونية مُنظمة بعد عرضه في نادي القارئ “دار الكتاب“ في المدينة, بعد أن تم تداول مقاطع محدودة من رواية “كاشان“ القصة الإفتتاحية للأنثولوجية والتي عرضت نوع من العامية الجريئة وشعبوية لغة الشارع وأسلوب الواقعية غير المفلترة, كما بُررت هذه الهجمة بأن ما يطرحه الكتاب هو مجموعة من الأفكار الدخيلة التي تتعارض مع الإسلام تارةً ومع الضوابط المجتمعية تارةً آخري, واصفين الكتاب على أنه خطر حقيقي على أخلاقيات المجتمع والأعراف الليبية المُحافظــة.
و في سياق الهجمــة أيضاً و التي بقى فيها غلاف الكتاب الأصفر هو المحظور الأول والأخير داخل أروقة وتجمعات كبرى, فقد تداول المحرضون على الكتاب صوراً وبيانات شخصية للكُتاب على صفحات التواصل الإجتماعي مُعلنين أن الكتاب وفريق العمل هم “ الأولة من الجميع “ بالقصاص والإعدام دون الأخذ بعين الإعتبار قوانين الملكية الفكرية في القانون الليبي ومبادئ حرية التعبير المصونة من المجتمع الدولي.
الكتاب المثير للجدل
"شمس على نوافذ مغلقة" الفكرة التي انطلقت في عام 2015 بإعداد قائمة تضم مجموعة شباب موهبين في الكتابة وجمع نصوصهم الأدبية وتقييمها وفرزها, مع الحرص على وضع معايير أساسية لهذا الاختيار، مثل الشريحة العمرية الواحدة "العشرينيات"، و التنوع الجندري و الجغرافي، والتنوع الأدبي وجودته. من أجل إنتاج عمل من شأنه أن يساهم فنيا وثقافيا في تنمية البلاد. هكذا يصف د. خالد مطاوع محرر الكتاب في حديثه لنا عن العمل الأدبي الذي أثار الجدل.
ويقول مطاوع انه تم إطلاق الكتاب في مدينة القاهرة في حفل بمقر الجامعة الأمريكية في 23 مايو 2017. ثم جاء حفل التوقيع الأول بمدينة طرابلس في 4 يوليو 2017. تلاها حفل توقيع بمدينة بنغازي يوم 16 يوليو 2017. ثم وُجهت دعوة من نادي القارئ بمدينة الزاوية لإقامة حفل توقيع للكتاب يوم 26 أغسطس 2017. حفل مدينة الزاوية كان الشرارة التي أشعلت فتيل الهجمة التي وُجهت ضد الكتاب بعد نشر جزئيات من رواية “كاشان” عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
يذكر أن النص الذي أثيرت حوله الانتقادات، هو عبارة عن مقطعين من رواية كاشان” لأحمد البخاري التي سبق أن نشرت في طرابلس عام 2012، برقم إيداع 2012/429. ردمك: ISBN 978-9959-812-73-5، أي أن هذا النص قد حظي بموافقة الهيئة العامة للثقافة وقت حكومة عبدالرحيم الكيب.
وبعد بدء الهجمة الشرسة بحسب وصف مطاوع, يقول محرر الكتاب انه لم يتوقع الهجمة لإعتباره أن النص الذي أثار الجدل ليس بالنص المثير للجدل فعليا بحسب اعتقاده, ولكنه يرى أن القائمين على هذه الحملة ضد الكتاب توضحت نواياهم التي تهدف الى طمس أي نوع من أنواع الثقافة والأدب.
و كان رد الفعل الأوّلي لـ مطاوع بعد كل هذا الصخب ضد الكتاب بإعلانه تحمل المسؤولية بشكل مباشر كمحرر للكتاب عن كامل محتواه وعن اختيار النصوص. محاولاً إيضاح الحقائق حول الكتاب وعن النصوص المتعددة التي به وعدم مسؤولية بقية الكُتاب عن ما قام بنشره الكاتب أحمد البخاري. مشجعاً بقية المشاركين بأن ينشروا نصوصهم لكى يظهر للعامة محتوى الكتاب الذي طمسته الصفحات المنشورة من مشاركة البخاري.
كما أكد على تواصله مع جميع الكُتاب ومحاولة مساعدتهم ومتابعة أوضاعهم والتأكيد على سلامتهم وتشجيعهم على الاستمرار ومواصلة مشوارهم الإبداعي, خاصة أن هذه الضجة سيكون لها تأثير طويل المدى على نفسيات الشباب، وقد يربكهم الأمر ويفرض عليهم ترك الكتابة اساسا. كما أن بعض المشاركات تلقين الكثير من اللوم و الضغط من عائلتهن مما قد يؤدي لتركهن الكتابة لحين. مضيفاً أن هذه الحملة اثبتت حاجة ليبيا للثقافة وأهمية دعم التنوع الفكري والأدبي والفني فيها.
ويقول مطاوع أن السبب الأساسي لوجود هذا العمل هو التعريف بهؤلاء الأدباء الشباب ودعم مواهبهم. و توفير مواد أدبية تخاطب فئة الشباب مكتوبة من قبل مؤلفين من سنهم. و دعم الكتاب الليبيين الشباب من خلال نشر أعمالهم ولفت الانتباه إليها. أيضا من أجل إبراز المواهب الشابة وتحفيزها ومساعدتهم على الظهور بشكل اكبر وتعريف الناس بهم .
المرأة دائما مستهدفة
رغم أن صاحب النص الجدلي في كتاب "شمس على نوافذ مغلقة" رجل ولكن بدى من الواضح استهداف المرأة في الحملة التي شُنت ضد الكتاب, سواء بنشر صور و أسماء المشاركات أو حتى التهديدات التي تصلهم بشكل مباشر بغرض إبعادهن عن الساحة الثقافية .
فيروز العوكلي وهي إحدى المواهب الأدبية الشابة المشاركة في الكتاب بـ أشعار وقصص قصيرة, تروي لنا ما تعرضت له إزاء الحملة التي تعرض لها الكُتاب المشاركين في هذا العمل . وتقول إنها تعرضت لهجوم عنيف عبر مواقع التواصل الإجتماعي, وذلك بنشر صور شخصية لها أثناء حفل توقيع الكتاب بمدينة بنغازي مع عبارات مسيئة وجارحة في حقها ناهيك عن رسائل السب والشتم والتهديد غير المبررة التي وصلت الى حد التكفير من قبل بعض الجماعات الدينية.
وتقول العوكلي أنها تعاملت مع هذه الحملة بكل هدوء وصبر, مؤكدة على عدم تأثير ما حدث على طموحها في مواصلة مشوارها ككاتبة, مرجعة سبب انتشار صور المشاركات في الكتاب بشكل واسع وتعرضهن للمضايقة أكثر الشباب الي ثقافة المجتمع الذي دائما ما ينتقص من حق المرأة ولا يتقبل مشاركتها وظهورها في مجالات الحياة المختلفة ثقافية, فنية, سياسية أو غير ذلك من المجالات .
كما أضافت الكاتبة الشابة فيروز أن كل المشاركين في هذا العمل معرضين للخطر جراء التهديدات المتتالية التي تؤكد أن هذه الحملة لم تكن بشكل عشوائي كما يعتقد الكثير وإنما كانت حملة منظمة من قبل تيارات فكرية معينة تهدف الي تضييق الخناق على الحراك الثقافي في ليبيا بشكل عام مستغلين العوامل التي تمس العادات المجتمعية.
فيروز شأنها شأن باقي المشاركات في الكتاب وضعت تحت مجهر مجتمع يرى في ظهور المرأة ومشاركتها في جميع المجالات ظاهرة غير سليمة تمس بعادات وتقاليد المجتمع.
تضامن ثقافي ضد التحريض والتهديد
انقسم رواد الحراك الثقافي وأنصاره في ليبيا الى مجموعات مؤيدة للكتاب كقطعة متنوعة تطرح شأناً أدبياً وصفته بــ “ الأدب الصادم “ وآخرى عارضت النص محل الإعتراض وبقت على تأييدها لباقي النصوص .
فالبرغم من الحملة التي شُنت ضد الكتاب عبر مواقع التواصل الإجتماعي الا أنه وبالمقابل كان هناك تضامن ثقافي من كُتاب و أدباء ومثقفين ليبيين وغير ليبيين.
إذ سارع عشرات الأدباء والكُتاب والمثقفين العرب بالتوقيع على بيان، عبر الإنترنت، يدين مصادرة السلطات الليبية للكتاب كما ينددون من خلاله بالحملة الضارية ويدينونها، ويطالبون بإيقافها العلني والفعلي. كما يطالبون الجهات الرسمية ذات العلاقة بالثقافة، والسلطات القائمة، بتحمل المسؤولية في حماية الكُتّاب والمحررين ودار النشر والمنظمين لحفلات التوقيع. وأن تتخد موقف واضح من إغلاق المراكز الثقافية وتكميم الأفواه، وإعتبارها المسؤولة عن حرية الفكر والنشر والإبداع وحماية الكتّاب والمبدعين.
كما قامت منظمة القلم الدولي بإصدار بيان أعربت من خلاله عن قلقها على سلامة الكُتاب والمحررين, محملين السلطات الليبية كامل المسؤولية عن سلامة الكُتاب وجميع المعنيين بالكتاب, معتبرين أن تصريحات وتصرفات السلطات الليبية تقوض حرية التعبير بدلاً من دعم الكتاب والمحررين الذين تستهدفهم الجماعات الدينية .
عزّة المقهور وهي ناشطة حقوقية تقول أن الحراك الثقافي هو جزء من حركة المجتمع الليبي ككل، ولا شك انه تأثر بظروف الحرب. لكن الجانب المضيء في كل هذه العتمة التي نعيشها هو ظهور نشاطات شابة في كل مناحي الحياة خاصة الاجتماعية من خلال منظمات المجتمع المدني والتجمعات الثقافية.
إذ يحاول بعض الشباب الذكي التعامل مع توحش الحرب بإضاءة شموع الثقافة والفن، لكن وطئة الحرب وجبروتها بطبيعتها تحارب كل ما هو انساني وبفظاظة منقطعة النظير.
فالمقاومة بالكلمة اثناء ظروف الحرب اعتبرها مقاومة بطولية.. لقد حرك هذا الكتاب الراكد واظهر تشوه وحجم الدمار الاجتماعي الذي طال البلاد واهلها.
فلابد من التمييز بين النقد لعبارات أو جمل معينة وحرية التعبير تجاهها بل ومعارضتها وتتبع السبل المتاحة لإظهار ذلك، لكن في ظروف الحرب والعنف غالبا ما يكون الرأي - كما ظهر لنا تجاه جزء من رواية في كتاب من مئات الصفحات- مشوهاً وعنيفاً ومحرضاً ومهدداً وناسفاً لمستقبل زاهر ينحته الشباب بالريشة في زمن العنف.
كل المعارك ضد الكتاب خاسرة، والابداع لا ينضب لأن منبعه البشر
لا مواقف رسمية مشجعة
“مطبوعات هدامة تسيئ الي الأخلاق والآداب العامة” هكذا وصفت الهيئة العامة للثقافة بحكومة الوفاق الوطني كتاب شمس على نوافذ مغلقة في رسالة وجهتها الهيئة الي أصحاب دور النشر والمكتبات. أكدت من خلالها مصادرة النسخ الموجودة ومنع نشرها وتداولها وأن كل من يخالف هذا سيُعرض نفسه للملاحقة القانونية.
موقف غير مشجع, مزعج ومحبط في حق شباب طموح ومبدع أراد أن يقدم مواد أدبية لمجتمع تشبع بالعنف والحرب والخطابات العدائية التي تدعوا للإقتتال والحرب.
الهيئة العامة للثقافة أدانت محتوى الكتاب واعتبرته يتنافى مع الأخلاق العامة مؤكدين بأن الكتاب الذي نُشر خارج ليبيا, لم يخضع للإجراءات القانونية لمنحه الموافقة على الطباعة والنشر.
وفي ذات السياق الهيئة ذاتها لم تعطي أي أهمية لإغلاق أحد أهم الفضاءات الثقافية والفنية, بعد أن قامت مجموعة مسلحة بإغلاق دار حسن الفقيه حسن بمدينة طرابلس على إثر احتضان الدار لحفل توقيع كتاب شمس على نوافذ مغلقة في وقت سابق .
الأمر الذي جعل من موقف السلطات الرسمية من تصريحات مقوضة لحرية التعبير موقف سلبي, بدلاً من دعم الكُتاب والمحررين الذين تستهدفهم جماعات دينية, تمثل خطر على الثقافة والفنون بشكل عام . مما يجعلنا نطرح تساؤل هل هيئة الثقافة تدعم أم تحارب الحراك الثقافي في ليبيا ؟.
أبواب مغلقة
دار حسن الفقيه حسن للفنون والثقافة ( القنصلية الفرنسية سابقاً) منارة الثقافة والفنون عراقة العمران وثراء المضمون, ذلك الصرح العتيق و العريق الواقع في زقاق المدينة القديمة التي تتميز بأقواسها وطراز مبانيها القديم, تحديداً بزنقة الفرنسيس المطلة على قوس ماركوس اوريلوس, المكان الذي طالما أحتضن في أروقته مختلف الأنشطة الثقافية والفنية الذي يجتمع خلالها الادباء والفنانين والمثقفين. والذي ينأى برواده بعيداً عن الواقع الفوضوي فيكون متنفس فكري وفني مشجع ومُلهم لهم, من أجل النهوض بالحركة الثقافية والفنية والحفاظ على استمراريتها رغم كل الظروف الصعبة .
لم تسلم هذه الدار أيضا من تبعات الهجمة التي شُنت على كتاب “شمس على نوافذ مغلقة” عبر مواقع التواصل الإجتماعي فتسارعت الأحداث وتوالت ردود الفعل و حدث ما حدث و أُغلقت الدار فقط لأنها إحتضنت حفل التوقيع الأول في طرابلس للكتاب الذي أثار ضجة كبيرة في الشارع الليبي.
وبحسب ما ذكرته لنا السيدة “فوزية عريبي” المسؤولة عن الدار من تفاصيل الحادثة التي وقعت بتاريخ 27 أغسطس 2017, إذ قام جهاز المباحث العامة فرع المدينة القديمة, بإغلاق الدار معللين هذا بأنه موقف ورد فعل منهم لما نُشر عبر مواقع التواصل الإجتماعي عن الكتاب المثير للجدل!
ولكن لم يستمر الإغلاق طويلاً فقد تم إعادة فتح الدار مجدداً بتاريخ 5 سبتمبر2017. بشرط أن تقوم إدارة الدار بإبلاغ جهاز المباحث العامة بتفاصيل أي حدث أو نشاط تستضيفه أو تشرف عليه الدار. وهذا ما أعتبرته “عريبي” بالإجراء التعسفي الأول من نوعه الذي يُمارس على مثل هذه الفضاءات الثقافية والفنية, أي أنه و منذ إفتتاح الدار عام 2001 ومزاولة الدار لنشاطها كفضاء ثقافي وفني وفي أسوء الظروف لم يسبق أن تعرضت الدار لما تتعرض له الأن من راقبة من قبل الجهات الأمنية بهذه الطريقة, مؤكدة على أن تدخل الجهات الأمنية في الأمور الثقافية أمر غير مقبول بتاتاً. وهذا ما قد يؤدي الي تراجع ملحوظ في الحراك الثقافي بسبب تخوف المؤسسات الثقافية والنشطاء وكل من له صلة بالحراك الثقافي من الرقابة الأمنية التي تُفرض على الدار وهذا ما يُعد تقويضاً وتضييقاً على النشاط الثقافي في ليبيا.
ضمانات قانونية
بعد كل هذ الجدل والآراء المختلفة حول الكتاب, الجميع يتساءل عن ما يجيزه وما يمنعه القانون الليبي في مثل هذه الحالات.
إن طرحنا تساؤلات قانونية عن وجود نصوص قانونية تضمن حق التعبير والنشر في ليبيا وعن الضمانات القانونية للكُتاب في النشر مستقبلاً؟
سوف نجد أن حقوق الكٌتاب المشاركين في الكتاب في الكتابة و النشر مستقبلاً محفوظة و مٌبينة في القانون رقم 9 لسنة 1968 الذي يضمن حق المؤلف والذي يتضمن 4 أبواب و 51 مادة, تحديداً بما تتضمنه المادة 27 و التي تنص على المصنف الجماعي كما هو الحال في كتاب " شمس على نوافذ مغلقة " إذ أن الجهة التي تقوم بتجميع النصوص سواء كانت هذه الجهة شخص طبيعي أم اعتباري متمثل في دار النشر على سبيل المثال والتي قامت بإبتكار هذا المصنف بحيث تعتبر هي الوحيدة التي تملك حق مباشرة حقوق المؤلفين في هذا المصنف و بهذا يقع عليها عاتق تحمل أي إلتزامات قد تترتب لاحقاً عن المصنف.
ومن ناحية أخرى الرأي القانوني في النص الذي أثار كل هذا الجدل حول الكتاب هل يُجرم القانون هذا النص أم لا ؟
بحسب القوانين والتشريعات الليبية لم يجرم قانون حماية حق المؤلف و الصادر عن قانون رقم 9 لسنة 1968 ما كتبه أحمد البخاري في روايته و التي تم نشرها مسبقاً من قبل وزارة الثقافة و اعتمدها بشكل رسمي كعمل تم قبوله و يسمح بطباعته و نشره .
حيث نص القانون في مادته الاولى " يتمتع بحماية هذا القانون مؤلفو المصنفات المبتكرة في الآداب والفنون والعلوم أيا كان نوع هذه المصنفات أو طريقة التعبير عنها أو أهميتها أو الغرض من تصنيفها ".
هذا النص يوضح و بشكل صريح و واضح بأنه يحمي مؤلف مٌصنف الاداب سواء من حيث النوع او طريقة التعبير عنه و لم يذكر القانون في أحد مواده بأن وجود عبارات تعتبر خادشة للحياء تصنف كجريمة فكرية او ادبية .. إلخ و غير مسموح بها بالإضافة لمبدأ الأصل في الأشياء الإباحة و الأصل في الإنسان البراءة و كذلك مبدأ لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص.
تراجع مستوى الحريات
شهدت ليبيا تراجع خطير في السنوات الأخيرة على مستوى الحريات, فقد أدى إنتشار الجماعات المسلحة
وإستمرار الصراعات المسلحة الي تدهور في حالة حقوق الإنسان وتعطيل الخدمات الأساسية .
وأدى غياب الإستقرار السياسي وعدم وجود سلطات قانونية الي انتشار ظاهرة الإفلات من العقاب مما جعل من وضع الحريات المدنية والسياسية في ليبيا ينعرج الي منعرج خطير جدا .
وبحسب التقرير السنوي لمنظمة فريدوم هاوس حول الحريات في العالم صُنفت ليبيا عام 2017 بـ "غير حرة" حيث حلت ليبيا في المركز 178 من أصل 195 دولة شملهم التقرير مسجلة تراجع -7 نقاط عن عام 2016, وانخض تصنيف الحقوق السياسية في ليبيا من 6 إلى 7 عن العام الماضي بسبب مشاكل واسعة النطاق مرتبطة بالأزمة السياسية والأمنية الجارية، بما في ذلك الانتخابات المتأخرة وعدم وجود حكومة تعمل بكامل طاقتها معترف بسلطتها على الصعيد الوطني.
وجاءت الإحصائيات حول ليبيا لعام 2017 النتيجة الإجمالية 13\100(-7). الحقوق السياسية 3\40 (-3), العملية الإنتخابية 1\12(-3). الحريات المدنية 10\60 (-4), حرية التعبير والمعتقد 4\16 (-2) .
الجدير بالذكر أنه في عامي 2013\2014 صنفت ليبيا بـ حرة جزئيا كإشارة الي ارتفاع على صعيد الحريات المدنية والسياسية, وهو أفضل تصنيف تحصلت عليه ليبيا ضمن تقارير منظمة فريدوم هاوس السنوية.
2013
2014
شارك
Share on facebook
Share on google
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp