استخدام العدسة التقاطعية يبدو أكثر إلحاحًا عند تناول قضايا اللجوء، واستحضار المعاناة جراء العنف الهرمي الذي تواجهه اللاجئات في كل دول العالم، فبرغم الرعب والاضطهاد أثناء رحلة العبور الذي لا يفرق بين المسافرين والتي يعيش فيها الجميع مآسي الحرب المفتوحة على الهجرة، إلا أن المتفحص يرى بوضوح تراكم الجروح كلما تقاطع الجندر والطبقة واللون والقدرات الجسدية النمطية في قضايا اللجوء، وتصبح هذه...
انتفاضة اللاجئات السوداوات في الشوارع الليبية!
نشر بتاريخ: 2023/06/24
/
استخدام العدسة التقاطعية يبدو أكثر إلحاحًا عند تناول قضايا اللجوء، واستحضار المعاناة جراء العنف الهرمي الذي تواجهه اللاجئات في كل دول العالم، فبرغم الرعب والاضطهاد أثناء رحلة العبور الذي لا يفرق بين المسافرين والتي يعيش فيها الجميع مآسي الحرب المفتوحة على الهجرة، إلا أن المتفحص يرى بوضوح تراكم الجروح كلما تقاطع الجندر والطبقة واللون والقدرات الجسدية النمطية في قضايا اللجوء، وتصبح هذه الرحلة هي رحلة موت مضاعف إذا كان المستهدف هُن النساء والأشخاص من خلفيات جنسانية وجسدية غير معيارية.
إن العنف الناتج عن سياسات الهجرة لا يمكن تناوله بمعزل عن تفكيك النظام الأبوي وقيمه العنيفة التي تعد سيوفًا مسلطة على رقاب النساء، كذلك دور الأنظمة الاستعمارية والرأسمالية في تدمير موارد و طرق حياة السكان الأصليين و إفقارهم، و بالتالي دفعهم للبحث عن موارد جديدة يخوضون من أجلها رحلة مميتة تنتهي بهم لأن يكونوا تحت رحمة سياسات الهجرة التي توظف فيها كبريات الدول موارد هدفها الوحيد هو وقف هذه الرحلة بأي ثمن ولو كان الموت.
حيث تتعدد المعارك اليومية التي تخوضها اللاجئات لأجل الحياة تمامًا كما تتعدد الأنظمة التي تحاول سلبها منهم. واقع مرير يمتشق المقاومة كسبيل لعدم الانهزام ومواصلة الرحلة نيابة عن من لم يستطيعوا ذلك. هكذا تعيش اللاجئات الافريقيات في ليبيا ضمن كفاحٍ يومي يتخلله الاضطهاد المركب ومحاولات سلب المصير التي هربن منها منذ أن قررن الهجرة من بلدانهن، نتيجة لأسباب متعددة يكاد لا يغيب عنها عامل نهب الموارد وتدمير الحياة ولكن لأسباب شخصية كثيرة جعلت البشر يتنقلون عبر التاريخ.
تختلف القصص والتجارب التي تحكيها كل من استطعن أو يحاولن النجاة من أخطبوط القمع الاستعماري والعنصري والأبوي وإرهاب الحدود، ويسطرن بها آمال العديد من النساء الإفريقيات في الحياة والحرية دون عنف أو خوف.
عادة ما تسقط سرديات اللاجئات من الأخبار التي تقارب الهجرة بمنظور الخبر العاجل الذي يحول حيوات اللاجئين لأرقام يتناولها الشريط الاخباري ضمن عداد الموتى أو المفقودين، لكن بين رحلة العبور والموت آلاف المحطات التي تمتد في ساحات حرب مفتوحة. وهذا مايحاول العديد من اللاجئين/ات في ليبيا تغييره عبر استعادة الحق في صياغة سردياتهم الخاصة وصياغة مطالبهم وأنسنة حيواتهم في وجه عالم ينزعها عنهم.
في هذا المقال تتحدث لنا ناشطات في حراك اللاجئون في ليبيا Refugee in Libya، حول الحياة كلاجئة, وما تتعرض له اللاجئات جراء سياسات عنف الحدود التي يرعاها الاتحاد الأوروبي، كما يصغن لنا مطالبهن وآمالهن.
تحكي لنا آثار وهي لاجئة وإحدى الناشطات في الحراك في ليبيا عن الاضطهادات والمشاكل التي تتعرض لها اللاجئات فتصفها بالكثيرة بسبب الوضع الحالي في ليبيا وترى أن المشاكل تكمن "في صعوبة المعيش اليومي ، حيث يصبح الخروج للشارع في حد ذاته مشكلة. نواجه العنف الجنسي، والعنف الجسدي, والعنف الاقتصادي ونواجه مشكلة في توفير المأكل والمشرب, كما نحرم كلاجئات من الحصول على الوثائق الثبوتية كوثائق تثبت اللجوء \ وشيقة لاجئ.
ظهور العنف الأبوي كرديف لتجربة اللجوء في حياة النساء يعد من المسلمات التي تبدأ منذ رحلة العبور من الصحاري الكبرى وحتى الوصول إلى ليبيا، حيث يمارس المهربون الانتهاك الجنسي ضد النساء كشيء حتمي، وتأتي محطة التواجد في ليبيا كرعب اضافي، فوجود اللاجئات في حالة تمنعهن من حيازة الوثائق الرسمية واجبارهن على العيش في الهوامش وتعريضهن المستمر لخطر الاعتقال والمتاجرة يجعلهن عرضة بشكل مضاعف للعنف الجنسي، حيث انتشرت العديد من التقارير والشهادات الحية عن ماتتعرض له المهاجرات خصوصًا من الدول الافريقية من عنف جنسي وصل لبيعهن واستعبادهن جنسياً.
نساء وطفلات صغيرات تمتلأ أجسادهن بندوب العنف الجنسي، وتتقاذف مصائرهن نظم استبعادية يخشى الجميع وصفها بالعبودية الجديدة أو لنكن أكثر دقة العبودية التي غادرت العالم كله إلا مصائر الأفارقة.
كان هنالك سجن مخصص للنساء الافريقيات في مدينة صرمان يتبع لوزارة الداخلية الليبية، داخل هذا المعتقل كانت تتعرض النساء والفتيات للاغتصاب من طرف رئيس مركز الاحتجاز، بعد اغلاق السجن في 2017 قدمت عدة لاجئات شهادات عن اعتدائه عليهن جنسياً، لكنه لايزال يمارس مهامه ويحظى بالسلطة لارتكاب المزيد من الجرائم.
ينتشر العنف الجنسي في باقي المعتقلات السرية لاحتجاز المهاجرين المنتشرة في ليبيا حيث يتناوب الجلادون على اغتصاب الأطفال والنساء، ويبيعون من توافت فيهم الشروط للعمل القسري والاستبعاد الجنسي، حيث يعتبر الحراس السجون السرية مكاناً حقيقيًا للاستعباد لا يمكن الخروج منه سوى بالموت أو بتمرد ينتج عنه مزيد من القتل والتعذيب، أو بمبلغ خمسمائة دولار يطلبها الحراس كفدية من عائلات المحتجزين.
جزء كبير من هذا العنف يتظافر بالعنصرية ضد النساء السود كواقع متعدد الطبقات ينتج عنه انتهاكات خطيرة تطورت لتصل إلى حد الاستعباد حيث تقع الكثير من المهاجرات السود في قبضة النخاسين الجدد والذي تتراكم ثرواتهم بسبب إستمرار معاناة اللاجئين.
تقول آثار أن "النساء السود يتعرضن للاستعباد والابتزاز والسلوكات العنصرية بدءً من نعتهن بالألفاظ الدالة على العنصرية "كالعبيد" وحتى العنف الجسدي، والامتناع عن الجلوس بجانبهن في الأماكن العامة، ومنعهن من العمل، وتعريض من يشتغلن كعاملات منازل لانتهاكات مضاعفة، إحدى الصديقات كانت تعمل لدى عائلة ليبية وبعد مطالبتها بمستحقاتها المالية اتهمتها الأسرة بالسرقة وعرضتها للعنف حتى توفيت".
تحكي يسرية تجربة مماثلة حيث ترى أن "العنصرية منتشرة في التعامل اليومي ووصف النساء السود بالصفات الاستبعادية وحتى التمييز ضدهن في الأماكن العامة وخصوصًا في المستشفيات حيث تمنع النساء السود من الخدمات الطبية أسوة بباقي النساء".
التمييز الطبي في حق النساء السود المهاجرات ينتشر بشكل كبير في ليبيا أيضًا فرغم أن الوضع العام يتسم بالكارثية نتيجة لعقد من الصراعات العسكرية والأزمات الاقتصادية، إلا أن تجارب اللاجئات قد سلطت الضوء على استسهال الكثير من الممارسات العنصرية حتى ضد الأطفال. تشارك إحدى اللاجئات مأساة طفلتها البالغة من العمر ستة أشهر مع قطاع الصحة في ليبيا وتقول:
"ابنتي مريضة جدًا ومصابة بالإسهال ذهبت بها إلى أحد المستشفيات لم يعالجوها وأعطوني دواءً منتهي الصلاحية مما فاقم حالتها، أنا مشردة وزوجي مختفي وابنتي مريضة".
ترخيص أرواح اللاجئين ومنعهم من أبسط الحقوق مثل الحق في العلاج وترك النساء المهاجرات وأطفالهن يواجهن الموت من الأمراض يأتي من سياسات عنصرية راسخة بفعل سيادة نظام هرمي يقسم الناس لطبقات ومجموعات مضطهدة مما يجعل دائرة القمع تدور حتى من الشعوب ضد بعضها.
إن مايحدث في ليبيا لا يمكن أن يقرأ بمعزل عن معاداة السود والعبودية التي يتعرض لها اللاجئون السود، حيث يمثل السود من دول شرق وغرب إفريقيا أعلى نسب ضحايا الاستعباد والبيع للعمل القسري والعنف الجنسي والجسدي والاحتجاز في السجون السرية. وللاختطاف من نخاسين يعذبونهم للضغط على أهلهم لدفع الفدية، مشاهد التعذيب تنتشر بشكل جنوني، آخرها لشاب يتعرض للجلد من رجل ليبي صوره وبث مقطعه لابتزاز عائلته، وأخرى لشاب آخر قُطعت يده من ليبي قام بتصوير هذا العمل الوحشي الذي اعتبره انذاراً لعائلة الشاب فإن لم تدفع سيقوم بيتر ساقيه ويده.
ومقطع مشابه للاجئة تجلد أمام طفلها الصغير وتصرخ. لا يمكن أن يخطأ من شاهد المقاطع تمييز العنصرية وكراهية السود التي يوصلها تعذيب الشباب الافريقي، كراهية متجذرة بعمق في المجتمع الليبي كسائر مجتمعات شمال إفريقيا والدول العربية، كراهية تأخذ صورة العنف الممنهج طبقيًا واجتماعيًا وسياسيًا.
ورغم انحياز بعض التحليلات حول العنف والابادة التي يتعرض لها اللاجئون الأفارقة في دول شمال إفريقيا إلى تصويرها في سياق الاستعمار والإرهاب الأوروبي في الحدود من خلال استخدام أنظمة كالمغرب وليبيا لحمايتها ولعب دور حراسة حدودها، إلا أنها تتغاضى عن مايعيشه اللاجئون أثناء سيرورة العبور نحو أوروبا في هذه الدول من عنصرية وعنف وإرهاب سياسي واجتماعي واستعباد فعلي يضاهي في وحشيته كل ماخطه التاريخ عن الاقطاعية. يتغاضى عن حقيقة أن هذه المجتمعات موبوءة بمعاداة السود والعنصرية التي تجعل كل شخص أسود ضحية محتملة للعنف والاستبعاد، ومعرض أكثر من غيره لسياسات وممارسات معاداة الأجانب التي ورغم أنها نمت مع نمو الدولة القومية وانتشار المنظومة الفكرية لليمين الغربي التي سوقت عبر الإعلام خطاب "الهجرة الغير شرعية" وأن المهاجرين هم السبب في البطالة والتفقير، إلا أن العدمية السياسية والثورية التي تعيشها المنطقة مدعمة بتاريخ من الإقطاع والعنصرية ضد الأفارقة السود زاد من حدة هذه العدائية ونقلها لمراحل شديدة الخطورة، بل وإلى لعب دور سياط العمالة المسلطة على هذه الشعوب من خلال المساهمة في الحد من الهجرة نحو أوروبا واعتبار أجساد ومصائر اللاجئين مسارح للانتقام وممارسة السلطة.
عنف الحدود والتمويل الاستعماري
تعد مقاطع تعذيب اللاجئات من النخاسين ثيمة منتشرة من أجل ابتزاز عائلاتهن وتعريضهن للإذلال والانتقام، لكنها توثيق أيضًا للعبودية الحديثة التي يعيشها اللاجئون في ليبيا، حيث تُظهر كيف تكون حيواتهم مهددة باستمرار من النخاسين والمليشيات التي تتولى مهمة اصطياد المهاجرين ومنعهم من عبور الضفة الأخرى للبحر، وذلك تجسيد لإرادة الإتحاد الأوروبي وشركائه من أجل ابقاء الهجرة تحت قبضة العنف.
قد يكون سرد الجرائم التي تحدث للمهاجرين وخصوصًا مايتعلق بالمعتقلات القسرية متداولًا وسهل الإدانة بالنسبة للكثير من المنظمات الدولية، لكن الأصعب هو الاعتراف أنها صنيعة سياسية استعمارية تستخدم فيها الدول الأوروبية دولاً خارج جغرافيتها من أجل الاستمرار في الاستنزاف الرأسمالي لموارد الجنوب العالمي، وذلك تجلى في تجاهل إدانة من أوجد السجون السرية في ليبيا والقوات التي تعيق مسار المهاجرين وهو الإتحاد الأوروبي الذي جهز ودرب خفر السواحل الليبي وهي منظمة شبه عسكرية لكي تقوم بدوريات في البحر الأبيض المتوسط وإفشال عمليات الإنقاذ الإنسانية، واعتقال المهاجرين والزج بهم في السجن السري الذي تتولى إدارته مليشيات ليبية تعمل بالتوازي مع السلطات الرسمية لمطاردة اللاجئين داخل ليبيا وعلى سواحلها، واعتقالهم دون تحديد مدة للاعتقال ودون أي تهمة سوى محاولة عبور المتوسط.
تعتبر ليبيا وإيطاليا الوجوه الأوضح لاستخدام أوروبا نفوذها في إعادة العالم لعصر العبودية وتقديم صورة عن ماذا يعني الاستعمار الجديد، ففي العام 2017 قام وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي بزيارة إلى ليبيا لم يكن سراً أنها كانت صفقة القرن في تحويل ليبيا إلى أكبر معتقل للاجئين في العالم، أفرزت الزيارة عن النتيجة التي كانت أوروبا تعمل عليها دائمًا منذ أن قررت أن تكون نموذجًا للديمقراطية وحقوق الإنسان وتنشرها في العالم بالدبابة وتمويل الموت والنهب. وأن يقوم عنها العالم "البربري" بعملها القذر.
تصريح مينيتي على الاتفاق كان يعكس الوجه الجديد للاستعمار الأوروبي وهو العنف والنهب لكن بطرق أكثر حضارية لأوروبا التي ستبقى أياديها نظيفة من العنف المباشر، ودون أن تضطر للظهور بمظهر الدول التي تقيم أسلاكاً شائكة وجدران فصل عنصري. لقد وكف المهمة للأنظمة التي زرعت بعنف في خاصرة الجنوب العالمي منذ الرحيل الشكلي للاستعمار، أنظمة نسجت من العملاء والمرتزقة وأعداداً هائلة مستعدة لإبادة شعوبها مقابل الفتات المنهوب من أراضيها.
يظهر اتخاذ الاتحاد الأوروبي للخيار الأسهل لجعل الحدود كما عنفها طبيعية ولا سياسية، كل هذا التمويه يساعد في احكام المزيد من السلطة الاستعمارية على العالم وتقسيمه وفق الهرميات التي تضمن أن تبقى أوروبا هي المركز الناهب والمتحكم لكنه المحمي من خلال استخدام القوة العسكرية والمنظومة السجنية خارج أرضها لحماية ماتعتبره أرضًا غير قابلة للمساس.
وتمثل الحدود اليوم مرحلة متقدمة من الاستعمار الحديث وكيف يحاول أن ينهب وينهي الحياة بشكل تام، فتجريم اللاجئين ينحدر من ممارسة استعمارية واضحة تربط بين النهب الاقتصادي وتدمير أراضي السكان الأصليين إما بسبب الاستحواذ الرأسمالي على أراضيهم أو بسبب التغير المناخي الناتج عن النهب والاستنزاف الجنوني للطبيعة من القوى الرأسمالية، والتهجير القسري والاستيطان والعنصرية التي تستمر لليوم وتمثل ما أطلقت عليه المنظرة هارشيا واليا "امبريالية الحدود"، يحرض هذا المفهوم على التفكير في الطرق التي تقوم عليها الحدود كمنتج سياسي، ومساءلة العلاقة التي تربط الحدود مع الممارسات النيوليبرالية المكثفة للامبراطوريات، أي النظر للحدود في سياق الاستعمار وبسط الهيمنة الامبريالية لأوروبا التي تنظر للعالم كحاشية لامبراطوريتها الضخمة.
يساعد مفهوم امبريالية الحدود أيضًا في التفكير في الحدود خارج الحدود الوطنية المجردة أو الاحصائيات الدقيقة للأراضي، وبدلًا من ذلك نبدأ في قراءة تاريخية حول التقسيم الاستعماري للعالم، ولماذا أصبحت الوثائق التي نحملها تحدد شرعيتنا، ولماذا يعد شمال العالم شرعي ويمكنه عبور الأراضي كما الدول والحدود بأريحية وكرامة، بينما يطارد الجنوبي كمجرم ويحبس ويهان ويقتل.
نحن ننهزم فقط عندما نتوقف عن المقاومة
يستمر اللاجئون/ات في معركتهم رغم كل هذا العنف ويحاولون كسر الصمت والتعتيم ولفت الانتباه لقضاياهم عبر التغطية الإعلامية لوضعهم، والقيام بخطوات تصعيدية ضد الحكومة والميليشيات الليبية والاتحاد الأوروبي.
خلال مواصلة المعركة ينتظم اللاجئون بشكل قاعدي، يعينون قادة عن كل مجتمع، يتشاركون الأكل مهما كان غير كافي لكنه يمثل لهم إحساسًا بالأمان الذي خطفه العنف منهم، تقوم الأمهات برعاية الأطفال دون أن يكونوا أطفالها في تجسيد لمعنى العائلة التي تتشكل خارج مايقدم أنه الطبيعي، ويقوم الجميع بالتنظيف لإبراز معنى الحياة بالنسبة لهم: الحرية، الموارد، المجتمع، وبيئة آمنة ونظيفة.
تقول آثار أن اللاجئات "يساعدن بعضهن البعض من خلال تحضير الطعام وتوزيع الأكل على باقي اللاجئين فهذا في الإحساس بأن الحياة طبيعية شيئا ما".
هذا الإحساس بطبيعية الحياة حتى في شيء بسيط كالأكل يضيء حجم المأساة التي تعيشها اللاجئات والتي تنعكس بلا شك على صحتهن الجسدية لكن على صحتهن النفسية أيضًا، فلا يمكن تصور ما يمر به كل من يتعرض لانتهاكات يومية مرافقة للتجويع والمطاردة والاستبعاد دون التفكير بكل تلك الآلام والصدمات والاضطرابات النفسية التي ترافقها، مع ذلك نرى أن اللاجئات يحاولن تغيير هذا الواقع والسعي بشكل مقاوم نحو مستقبل أفضل حيث يستطعن التشافي ليس فقط من آثار العنف الواضحة بل أيضًا من تلك الخفية التي لا توضع لها مساحة من النقاش.
وهذا يتطلب مجهوداً جماعي يساند هذه المقاومة ويدعمها بالشكل المطلوب في رسالة آثار وغيرها من اللاجئات تتكرر بنداء الاستغاثة أن لا يتركن وحيدات لمصير ينهشه الاستعباد والعنصرية والموت.
الحراكات الثورية ومن يهتم بقضايا الحرية والعدالة مطالب بوقف التجاهل تجاه ما يحدث في ليبيا والمغرب ومصر وتونس والسعودية في حق اللاجئين الأفارقة، تمامًا كما هو مطالب بالوقوف ضد نظام الكفالة الذي يستعبد الآلاف من المهاجرين في بلدان الخليج ولبنان. مطالب بالتزام ثوري شامل وواضح وصادق تجاه مناهضة الحدود كمنتوج استعماري، ومناهضة العنصرية كمنتوج طبقي تاريخي، ومناهضة معاداة السود والأجانب كحقيقة معاشة لا يمكن تجاوزها أو حشرها في مواضيع أكبر لتضيع سرديتها الخاصة ويضيع فهمها كألم جماعي وقصص وتواريخ تعرضت للطمس والعنف والمحو.
شارك
Share on facebook
Share on google
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp